{يا أيها الذين آمنوا إنَّ من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم} نزلت في قومٍ آمنوا، وأرادوا الهجرة فثبَّطهم أهلهم وأولادهم، وقالوا: لا نصبر على مفارقتكم، فأخبر الله تعالى أنَّهم أعداءٌ لهم بحملهم إيَّاهم على المعصية وترك الطَّاعة {فاحذروهم} أن تقبلوا منهم ولا تطيعوهم، ثمَّ إذا هاجر هذا الذي ثبَّطه أهله عن الهجرة رأى النَّاس قد تعلَّموا القرآن، وتفقَّهوا في الدِّين فيهمُّ أن يعاقب أهله، فقال الله تعالى: {وإن تعفوا وتصفحوا فإن الله غفور رحيم}.{إنما أموالكم وأولادكم فتنة} اتبلاءٌ واختبارٌ لكم، فمَنْ كسب الحرام لأجل الأولاد، ومنع ماله عن الحقوق، فهو مفتونٌ بالمال والولد {والله عنده أجر عظيم} لمن صبر عن الحرام، وأنفق المال في حقِّه.{فاتقوا الله ما استطعتم} يعني: إذا أمكنكم الجهاد والهجرة فلا يفتننكم الميل إلى الأموال والأولاد عن ذلك. وهذه الآية ناسخةٌ لقوله تعالى: {اتَّقوا اللَّهَ حقَّ تُقاتِه} وقوله: {وأنفقوا خيراً لأنفسكم} أَيْ: قدِّموا خيراً لأنفسهم من أموالكم {ومَنْ يُوقَ شُحَّ نفسه} بخلها وحرصها حتى ينفق المال {فأولئك هم المفلحون} الفائزون بالخير.